تشهد مصر مؤشرات قوية على التعافي الاقتصادي في أوائل عام 2025، بعد فترة صعبة من نقص العملات الأجنبية، والتضخم، وتراجع ثقة المستثمرين. ووفقًا لأحدث التقارير الصادرة عن البنك المركزي المصري، فقد قفز صافي الأصول الأجنبية بنسبة 47.5% في مارس ليصل إلى 15.04 مليار دولار، ارتفاعًا من 10.2 مليار دولار في فبراير. هذا التحسن الحاد يعكس تحوّلًا محوريًا في الوضع المالي لمصر، مدعومًا بإصلاحات استراتيجية، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، وتطبيق سياسات نقدية أكثر انضباطًا.
في هذا المقال، نستعرض الأسباب الحقيقية وراء هذا التعافي، وتداعياته على مستقبل الاقتصاد المصري، ولماذا يجذب هذا التحول انتباهًا إقليميًا ودوليًا متزايدًا.
نظرة أقرب: ارتفاع صافي الأصول الأجنبية في مصر
يمثل هذا الارتفاع في صافي الأصول الأجنبية الشهر الثالث على التوالي من النمو، وفقًا لموقع “بزنس توداي إيجيبت”. حيث سجل القطاع المصرفي 15.04 مليار دولار من الأصول الأجنبية في مارس، بزيادة ملحوظة عن 10.2 مليار دولار في فبراير. وتفصيليًا، ارتفع صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي إلى 12.5 مليار دولار، في حين سجلت البنوك التجارية فائضًا بقيمة 2.5 مليار دولار، وهي أول مرة تحقق فيها البنوك التجارية فائضًا منذ أغسطس 2023.
ولا يُعد هذا التحول في صافي الأصول الأجنبية في مصر 2025 مجرد تطور في الأرقام، بل يُعبر عن تحسن الثقة، وزيادة تدفقات العملة الأجنبية، وتحسُّن في الإدارة المالية بعد سنوات من التآكل في الاحتياطيات الأجنبية.
الإصلاحات التي تدفع هذا التحول
اتخذت الحكومة المصرية خطوات جريئة خلال العام الماضي لتحقيق الاستقرار وجذب تدفقات بالعملات الأجنبية. من أبرز هذه الجهود برنامج الطروحات الحكومية، والذي نجح في تنفيذ صفقات بقيمة 6 مليارات دولار في 11 قطاعًا مختلفًا. ولا تقتصر فوائد هذه الصفقات على توفير السيولة، بل تشمل أيضًا تعزيز الاستثمارات طويلة الأجل وزيادة كفاءة الشركات المملوكة للدولة.
كما أن اتفاقية التنمية الكبرى مع دولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير منطقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار كانت نقطة تحول رئيسية. فقد تم صرف 24 مليار دولار بالفعل من قيمة الصفقة، مما دعم ميزان العملات الأجنبية وساهم في تحسين ثقة السوق.
السياسة النقدية: تأثير صافي الأصول الأجنبية في مصر 2025 والتحول التاريخي
شكلت السياسات النقدية الجريئة لبنك مصر المركزي أحد أعمدة هذا التحول. ففي مارس 2024، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس دفعة واحدة، وهي أكبر زيادة في تاريخه. كما قرر تحرير سعر صرف الجنيه المصري بالكامل، منهياً نظام التعويم المُدار وسعر الصرف المزدوج.
وقد انعكست هذه الإجراءات بسرعة على السوق؛ إذ أدى تحرير العملة إلى تراجع سعر الجنيه، لكنه مكَّن من القضاء على السوق الموازية، وزاد من السيولة، وأعاد الثقة إلى المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي.
والنتيجة: عاد المستثمرون للنظر إلى مصر كسوق ناشئة جديرة بالاهتمام، في ضوء التحسن الملحوظ في صافي الأصول الأجنبية في مصر 2025
الاحتياطي النقدي عند أعلى مستوى في 3 سنوات
يتماشى مسار صافي الأصول الأجنبية مع تحسن احتياطي النقد الأجنبي. إذ بلغت الاحتياطيات الدولية الصافية لمصر 47.1 مليار دولار في ديسمبر 2024، وهو أعلى مستوى لها منذ ثلاث سنوات. واستمرت هذه الزيادة في الأشهر الأولى من 2025، مدعومة بالمساعدات الدولية، وتحويلات العاملين بالخارج، والاستثمارات المباشرة.
كما ساهم استئناف صندوق النقد الدولي لصرف القروض لمصر، بالإضافة إلى الدعم من الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، في توفير شبكة أمان قوية لمواجهة الأزمات.
ارتفاع قياسي في تحويلات العاملين بالخارج
تشكل تحويلات المصريين في الخارج مصدرًا مهمًا لدعم الاقتصاد، حيث سجلت 23.7 مليار دولار بين يناير وأكتوبر 2024، بزيادة 45.3% عن نفس الفترة من العام السابق. وقد لعبت هذه التحويلات دورًا رئيسيًا في استقرار سوق الصرف الأجنبي، ودعم الاستهلاك المحلي.
كما تمثل هذه التحويلات مصدرًا حيويًا لحماية الاقتصاد من تقلبات الأسواق العالمية، وتعزز من قوة الجنيه المصري.
استقرار سوق الصرف
أحد المؤشرات التي تهم المواطنين والمستثمرين على حد سواء هو سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري، والذي أصبح أكثر استقرارًا بعد التعويم الكامل للعملة. فبعد سنوات من التقلبات والمضاربات، أصبح السعر أكثر شفافية ويعكس العرض والطلب الحقيقي.
بالنسبة للمهتمين بمتابعة سعر الدولار مقابل الجنيه سواء للتجارة أو السفر أو التحويلات، أصبحت الأدوات الرقمية توفر بيانات لحظية تساعد في اتخاذ قرارات مدروسة. وأصبح بإمكان الأفراد والشركات تتبع السوق بسهولة بفضل أدوات التحليل وأسعار الصرف اليومية.
ثقة المستثمرين وتوقعات 2025
يبدو أن ثقة المستثمرين بدأت تعود تدريجيًا بفضل الإصلاحات والتحسينات في المؤشرات الاقتصادية. فقد رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري في عام 2025 من 2.7% إلى 4%، مستندًا إلى زيادة الاستهلاك، وتدفق الاستثمارات، وتحسن الإدارة المالية.
كما بدأت الأسواق المالية في مصر في جذب اهتمام المستثمرين مجددًا، لا سيما في مجالات العقارات والطاقة والبنية التحتية.
لكن لا تزال هناك تحديات، مثل التحكم في التضخم، وخفض الدين العام، والحفاظ على الشفافية في تنفيذ السياسات الاقتصادية.
مصر في السياق الإقليمي: تأثير صافي الأصول الأجنبية في مصر 2025
تتابع دول المنطقة تعافي الاقتصاد المصري عن كثب، نظرًا لأهميته الاستراتيجية في ملفات مثل قناة السويس، والطاقة، والديموغرافيا. واستقرار مصر الاقتصادي غالبًا ما يُعد مؤشرًا لطمأنينة أكبر في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
كما أن صفقة رأس الحكمة مع الإمارات تُظهر بوضوح كيف تسعى دول الخليج لتنويع استثماراتها وتوطيد علاقاتها الاقتصادية مع مصر. وتُعد هذه التحالفات مصدر دعم إضافي في أوقات الأزمات.
التحول الرقمي وتسهيل الوصول إلى بيانات العملات
جانب آخر من الإصلاحات، لا يقل أهمية، هو سعي مصر إلى رقمنة خدمات الصرف والقطاع المالي. فقد ساهمت المنصات الرقمية في تسهيل الوصول إلى أسعار العملات، والرسوم البيانية التاريخية، وأدوات التحويل، مما يعزز من الوعي المالي لدى المواطنين.
أدوات مثل موقع سعر الجنيه المصري SarfEGP أصبحت تلعب دورًا مهمًا في تقديم معلومات محدثة وموثوقة، وخاصةً لأولئك الذين يتابعون سعر الدولار مقابل الجنيه يوميًا لأغراض تجارية أو شخصية.
التحديات القادمة: التضخم والدين الخارجي
رغم الإشارات الإيجابية، لا تزال مصر تواجه تحديات هيكلية. فمعدلات التضخم لا تزال مرتفعة، خاصةً نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء والوقود بسبب تعويم الجنيه. وقد ساهم رفع أسعار الفائدة في كبح جماح التضخم، لكنه أيضًا زاد من تكلفة الاقتراض وخدمة الدين العام.
أما على صعيد الدين الخارجي، فتواجه مصر عبئًا يقارب 165 مليار دولار، مما يجعل جذب الاستثمارات وتوفير مصادر دخل مستدامة أمرًا بالغ الأهمية.
لذلك، فإن الإدارة المالية الحكيمة، والتوظيف الشفاف للمساعدات والاستثمارات، سيكونان مفتاحًا للحفاظ على مسار التعافي.
الخلاصة: صافي الأصول الأجنبية في مصر 2025 تعافٍ واعد لكنه يحتاج الحذر
يشير ارتفاع صافي الأصول الأجنبية بنسبة 47.5% إلى أكثر من مجرد تحسن مؤقت في المؤشرات؛ بل يعكس تحولًا اقتصاديًا مدروسًا، ناتجًا عن إصلاحات واقعية، وشراكات دولية، وسياسات مالية حازمة. وإذا ما استمرت هذه الديناميكية الإيجابية، فقد تتمكن مصر من تحقيق الاستقرار النقدي وخفض الدين، واستعادة مكانتها كسوق ناشئة واعدة في المنطقة.
ومع الحفاظ على التوازن بين الإصلاحات والعدالة الاجتماعية، يمكن أن تصبح التجربة المصرية نموذجًا يُحتذى به للدول النامية في سعيها نحو التعافي الاقتصادي.